responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن دقيق العيد    الجزء : 1  صفحة : 71
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [حَدِيثُ لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ]
الْكَلَامُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ: " الْمَاءُ الدَّائِمُ " هُوَ الرَّاكِدُ.
وَقَوْلُهُ " الَّذِي لَا يَجْرِي " تَأْكِيدٌ لِمَعْنَى الدَّائِمِ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا يَسْتَدِلُّ بِهِ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى تَنْجِيسِ الْمَاءِ الرَّاكِدِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قُلَّتَيْنِ؛ فَإِنَّ الصِّيغَةَ صِيغَةُ عُمُومٍ.
وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: يَخُصُّونَ هَذَا الْعُمُومَ، وَيَحْمِلُونَ النَّهْيَ عَلَى مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ. وَيَقُولُونَ بِعَدَمِ تَنْجِيسِ الْقُلَّتَيْنِ - فَمَا زَادَ - إلَّا بِالتَّغَيُّرِ: مَأْخُوذٌ مِنْ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ. فَيُحْمَلُ هَذَا الْحَدِيثُ الْعَامُّ فِي النَّهْيِ عَلَى مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ، جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ. فَإِنَّ حَدِيثَ الْقُلَّتَيْنِ يَقْتَضِي عَدَمَ تَنْجِيسِ الْقُلَّتَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا.
وَذَلِكَ أَخَصُّ مِنْ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ الْعَامِّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.
وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ.
وَلِأَحْمَدَ طَرِيقَةٌ أُخْرَى: وَهِيَ الْفَرْقُ بَيْنَ بَوْلِ الْآدَمِيِّ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ، مِنْ عَذِرَتِهِ الْمَائِعَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النَّجَاسَاتِ.
فَأَمَّا بَوْلُ الْآدَمِيِّ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ: فَيُنَجِّسُ الْمَاءَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قُلَّتَيْنِ.
وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ النَّجَاسَاتِ: فَتُعْتَبَرُ فِيهِ الْقُلَّتَانِ، وَكَأَنَّهُ رَأَى الْخَبَثَ الْمَذْكُورَ فِي حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ عَامًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَنْجَاسِ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ خَاصٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَوْلِ الْآدَمِيِّ.
فَيُقَدَّمُ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ، بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّجَاسَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ. وَيَخْرُجُ بَوْلُ الْآدَمِيِّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ جُمْلَةِ النَّجَاسَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي الْقُلَّتَيْنِ بِخُصُوصِهِ.
فَيُنَجِّسُ الْمَاءَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ.
وَيَلْحَقُ بِالْبَوْلِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ: مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ بِالتَّخْصِيصِ أَوْ التَّقْيِيدِ.
؛ لِأَنَّ الِاتِّفَاقَ وَاقِعٌ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَبْحِرَ الْكَثِيرَ جِدًّا: لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ النَّجَاسَةُ.
وَالِاتِّفَاقُ وَاقِعٌ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إذَا غَيَّرَتْهُ النَّجَاسَةُ: امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ.
فَمَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

اسم الکتاب : إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام المؤلف : ابن دقيق العيد    الجزء : 1  صفحة : 71
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست